في أحد أزقة إسطنبول القديمة، يتوقف سائح عربي أمام محل تقليدي تتلألأ واجهته بألوان الحلقوم الوردية والخضراء، بينما تنبعث رائحة البقلاوة الطازجة من الفرن المجاور. يجرب قطعة من الحلقوم المحشو بالفستق، ثم يطلب بقلاوة ذهبية مقرمشة تغوص في القطر الساخن. وبين لذة الحلقوم ودهشة البقلاوة، يخطر في باله سؤال بسيط: ما الفرق بين البقلاوة التركية وحلقوم إسطنبول؟
هل هما مجرد حلويين شعبيين؟ أم أن لكل منهما قصة فريدة وطابع مختلف؟ في هذا المقال، نأخذك في رحلة مشوّقة لتكتشف الفروقات في المذاق، المكونات، طريقة التحضير، والاستخدامات بين أشهر حلويات تركيا.
نظرة عامة على البقلاوة التركية والحلقوم
ما هي البقلاوة التركية؟
تُعدّ البقلاوة التركية واحدة من أشهر الحلويات التقليدية في تركيا والعالم، ويُعتقد أن جذورها تعود إلى العصر العثماني، حيث كانت تُقدَّم في القصور السلطانية ضمن ولائم النخبة.
تتميّز البقلاوة بقوامها المقرمش وطعمها الغني، إذ تتكوّن من عدة طبقات رقيقة جدًا من عجين الفيلو تُحشى عادةً بالفستق الحلبي أو الجوز، وتُخبز ثم تُروى بسخاء بالقطر (الشيرة) المحضر من السكر والليمون وماء الزهر.
تختلف نكهات وأشكال البقلاوة حسب المنطقة، لكنها دائمًا ما تكون رمزًا للكرم والضيافة التركية، وتُقدَّم غالبًا في المناسبات الدينية والعائلية ومع فنجان من القهوة أو الشاي.

ما هو الحلقوم التركي (راحة الحلقوم)؟
راحة الحلقوم التركية – أو كما تُعرف محليًا باسم “لوكوم – Lokum” – هي حلوى طرية ذات ملمس حريري، يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر، حيث ابتكرها أحد صنّاع الحلوى في إسطنبول لتكون هدية فاخرة للنبلاء.
تُصنَع الحلقوم من مزيج بسيط من السكر، النشا، والماء، وتُضاف إليها نكهات طبيعية مثل ماء الورد، الليمون، أو المستكة، وأحيانًا تُحشى بالفستق أو الجوز وتُغلف بجوز الهند أو السكر البودرة.
تُقدَّم الحلقوم غالبًا مع القهوة التركية، وتُعدّ من أكثر الهدايا شهرة التي يشتريها السيّاح من تركيا، خاصةً من محلات الحلويات العريقة في إسطنبول مثل حافظ مصطفى أو حاجي بكر.

الفرق بين البقلاوة التركية والحلقوم من حيث المكونات
رغم أن البقلاوة والحلقوم يشتركان في كونهما من رموز الحلويات التركية التقليدية، إلا أن الفرق بينهما من حيث المكونات والقوام والنكهات كبير جدًا.
العنصر | البقلاوة | الحلقوم |
القاعدة | رقائق عجين “فيلو” | نشا ذرة وسكر مطبوخان في ماء |
الملمس | مقرمشة وهشة | طرية، مطاطية وناعمة |
الحشو | مكسرات (فستق، جوز، لوز) | نكهات طبيعية (ورد، مستكة، فواكه، فستق) |
البقلاوة تعتمد على القوام المقرمش والنكهة الغنية للمكسرات، بينما الحلقوم ترتكز على الحلاوة الناعمة والذوبان في الفم.
طرق التحضير والتقديم في تركيا
كيف تُحضّر البقلاوة؟
تحضير البقلاوة التركية يحتاج إلى مهارة وخبرة، خاصة في التعامل مع العجين الرقيق جدًا المعروف بـ “يُفكا – Yufka”.
خطوات تحضير البقلاوة:
- تحضير العجينة: تُفرد رقائق العجين بشكل رقيق جدًا باستخدام أداة خاصة.
- التكديس والحشو: تُرص عدة طبقات من العجين، مع توزيع المكسرات بين كل طبقتين.
- التقطيع: تُقطع البقلاوة قبل الخَبز إلى مربعات أو معينات.
- الخبز: تُخبز في فرن متوسط الحرارة حتى تحمر وتصبح مقرمشة.
- إضافة القطر: يُسكب القطر الساخن مباشرة على البقلاوة فور خروجها من الفرن.

الفرق بين البقلاوة بالفستق والجوز:
- بالفستق: الأغلى والأكثر شهرة، خصوصًا في غازي عنتاب، بلون أخضر وطعم غني.
- بالجوز: أرخص وأكثر انتشارًا في إسطنبول، ونكهتها أعمق وأكثر تماسكًا.
طريقة تصنيع الحلقوم في المعامل التركية
يُصنع الحلقوم التركي بطريقة تقليدية تحافظ على قوامه الطري، ويُشرف على إنتاجه حرفيون منذ قرون.
خطوات التحضير:
- يُطبخ خليط السكر والنشا على حرارة تتراوح بين 110 و120 درجة مئوية.
- يُصب المزيج في قوالب مدهونة بالنشا.
- يُترك ليبرد ثم يُقطع إلى مكعبات.
- يُغطى بمسحوق السكر أو جوز الهند.
- يُغلف في علب فاخرة للهدايا.
بعض الأنواع تُحشى بالشوكولاتة أو الفواكه المجففة أو زبدة الفستق.

كيف يُقدَّم كل منهما؟
تقديم البقلاوة:
- مع الشاي التركي أو القهوة.
- في الأعياد والمناسبات الرسمية كهديّة.

تقديم الحلقوم:
- مع القهوة التركية.
- في الأعراس والخطوبات وتوزيعات الهدايا.

التنوع الإقليمي في تركيا: هل تختلف بين إسطنبول والمدن الأخرى؟
أشهر أنواع البقلاوة في إسطنبول وغازي عنتاب
بقلاوة غازي عنتاب بالفستق:
تُحضَّر باستخدام فستق عنتابي وزبدة نقية، بطبقات رفيعة جدًا، وهي محمية عالميًا لجودتها العالية.
بقلاوة إسطنبول بالعسل والجوز:
تتميز بطبقات أكثر سمكًا وقطر أثقل، وتُقدَّم في المناسبات العائلية بكثرة.
أنواع الحلقوم في إسطنبول
حلقوم الفستق، الورد، الرمان، جوز الهند:
نَكهات تقليدية تُحضَّر بنكهات طبيعية. حلقوم الفستق هو الأكثر فخامة.
الحلقوم المحشو (مودرن):
يُحشى بالشوكولاتة، الفواكه المجففة، زبدة الفستق أو الكراميل، ويُباع كهدايا فاخرة.
القيمة الغذائية والمناسبات الخاصة بكل نوع
هل البقلاوة أعلى بالسعرات من الحلقوم؟
الصنف | السعرات التقريبية لكل 100غ |
البقلاوة | 400 – 450 سعرة حرارية |
الحلقوم | 300 – 350 سعرة حرارية |
البقلاوة أعلى في الدهون والمكسرات، بينما الحلقوم غني بالسكريات ولا يحتوي على دهون تقريبًا.
متى يُفضل تقديم البقلاوة؟ ومتى الحلقوم؟
- في الأعياد: البقلاوة تُقدَّم غالبًا، والحلقوم مرافق دائم للقهوة أو توزيعات.
- في الزيارات: الحلقوم عملي أكثر للهدايا والسفر، بينما البقلاوة فاخرة ورسميّة.
- في الأعراس: الحلقوم في صناديق الخطوبة، والبقلاوة في الولائم والاستقبالات.
أفضل أماكن شراء البقلاوة والحلقوم في إسطنبول
محلات البقلاوة المشهورة
- Karaköy Güllüoğlu: من أقدم المصانع في تركيا.
- Hafız Mustafa: يقدم بقلاوة فاخرة منذ 1864.
- Mado: يقدم أصناف سريعة في فروعه المتعددة.

محلات الحلقوم الأصلي
- Ali Muhiddin Hacı Bekir: أقدم محل حلقوم في تركيا.
- Koska: مشهور بالنكهات التقليدية.
- Hazer Baba: يقدم حلقوم محشو محبب للسياح العرب.

أيهما أفضل؟ مقارنة شاملة للمسافر العربي
العنصر | البقلاوة | الحلقوم |
الطعم | قوي، مقرمش، غني بالمكسرات والقطر | ناعم، طري، خفيف، بنكهات طبيعية |
القوام | طبقات مقرمشة | مطاطي يذوب في الفم |
السعر | مرتفع نسبيًا | متوسط إلى منخفض |
التغليف | هش ويتطلب عناية | يُغلف بإحكام وسهل الحمل |
مدة الحفظ | قصيرة (عدة أيام) | أطول نسبيًا (حتى 3 أسابيع) |
الأفضل كهديّة | للمناسبات الفخمة والضيافة | للسفر، الهدايا العامة، التوزيعات |
نصائح لاختيار النوع الأفضل للهدايا من تركيا
كيف تختار حسب ذوق الشخص؟
- البقلاوة لمحبي الحلويات المقرمشة والمكسرات.
- الحلقوم لمحبي النكهات الناعمة والخفيفة، وللأطفال وكبار السن.
تغليف السفر
- الحلقوم عملي أكثر ومتين في النقل.
- البقلاوة تحتاج حفظًا خاصًا وتُنقل يدويًا.
الأفضل في الحر أو الصيف
- الحلقوم أكثر أمانًا وثباتًا.
- البقلاوة تتأثر بالحرارة وتُشترى قبل السفر مباشرة.

انضم لمزايا الاشتراك المدفوع: مقالات مميزة، تحسين SEO، وإدارة محتوى احترافية!
الخاتمة
سواء اخترت البقلاوة الذهبية المقرمشة أو الحلقوم الناعم بنكهات الورد والفستق، فأنت لا تشتري مجرد حلوى، بل تقتني قطعة من التراث التركي العريق الذي يمتد لقرون.
كل لقمة تحمل قصة، وكل نكهة تحمل روح الضيافة التركية الأصيلة.
هل جربت البقلاوة أو الحلقوم من قبل؟ أيّهما تفضل؟
شاركنا رأيك في التعليقات وقل لنا: ما هي الحلوى التي تنوي شرائها في زيارتك القادمة لتركيا؟